الرئيسية / الدين / رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم

رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم

رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم

رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم

رسالة الرسول لهرقلجاءت رسالة الرسول  في صحيح البخاري، وهناك كثير من الناس من الممكن أن تستغرب كلام هذه الرسالة، فنحن نعلم أن هذه

الرسالة هي من رئيس دولة صغيرة جديدة وهي دولة المدينة المنورة، وجيشها على أكبر تقدير ثلاثة آلاف جندي، وعمرها لا يتجاوز الثلاث سنوات وأسلحتها بسيطة، وعَلاقاتها في العالم محدودة جدًّا، ومع ذلك يُرسِل زعيمها رسالة إلى هرقل قيصر الروم، الزعيم الأعظم للدولة الأولى في العالم الإمبراطورية الرومانية التي تسيطر على نصف أوربا الشرقي

، إضافةً إلى تركيا والشام بكامله، ومصر والشمال الإفريقي، وجيوشها تقدر بالملايين بلا مبالغة، والأسلحة متطورة جدًّا، وتاريخها في الأرض أكثر من ألف سنة، لا بد أن ندرك كل هذا ونحن نقرأ كتاب الرسول r إلى قيصر الروم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَسْلِمْ تَسْلَمْ“.

هكذا في منتهى الوضوح: أسلم تسلم.

يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ.

ثم كتب آية من آيات رب العالمين I: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].

ونحن نرى الوضوح والقوة والعزة والحكمة في كل كلمة من كلمات الخطاب. وهذا الخطاب يحتاج إلى وقت طويل حتى نحلله، وندرسه، ونستخرج منه الدروس التي في باطنه، ولكن هنا سوف نشير إلى بعض الدروس المهمة.

– فقد حرص الرسول r على ظهور عزته وعزة الدولة الإسلامية في كل كلمة من كلمات الخطاب؛ أولاً: بدأ باسمه قبل اسم هرقل. وهذا الكلام كان خطيرًا في زمانهم، فقد كتب r: “من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم“، ثم دعاه مباشرة للدخول في الإسلام، فقال: “أسلم تسلم“. في صيغة ليس فيها تردُّد.

 إظهار هذه العزة والقوة

– وأيضًا من الدروس أنه مع إظهار هذه العزة والقوة إلا أنه لم يقلل من قيمة الطرف الآخر، بالعكس رفع قدر الطرف الآخر وحفظ له مكانته قال: “إلى هرقل عظيم الروم“. وأيضًا جمع في مهارة عجيبة بين الترهيب والترغيب يقول له: “أسلم يؤتك الله أجرك مرتين“. يعني فيها نوعٌ من الترغيب، ثم يقول له مهدِّدًا بوضوح: “فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيِّين“. ونحن نراه r يجمع بين الترغيب والترهيب، فهو في ناحية يرغِّب، وفي ناحية أخرى يرهب، وهذا الكلام في سطور قليلة للغاية.

– وأيضًا من الدروس من هذه الرسائل حسن اختيار الآية المناسبة من القرآن الكريم، فقد أتى بآية تقرب قلوب أهل الكتاب، وتوضح أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بيننا وبينهم، حتى يفتح عقولهم للتفكير، ويرفع حواجز كثيرة جدًّا بين الطائفتين المسلمة والنصرانية.

هذا كان خطاب هرقل عظيم الروم، وهكذا كان الخطاب إلى كل زعماء العالم، الخطاب متشابه في مضمونه مع اختلاف الألفاظ على حسب البلد المرسَل إليها، واختلاف الدين الذي يدينون به. ومع وحدة الخطاب إلا أن ردود الأفعال كانت متباينة، فقد بلغ بعضها القمة في الأدب وحسن الردّ، في حين بلغت بعض الردود الأخرى أدنى مستوى لسوء الأدب والمعاداة، وبعضها بين هذا وذاك.

رد هرقل على رسالة النبي

هرقل زعيم الدولة الرومانية، وهي دولة تسيطر تقريبًا على نصف مساحة العالم في ذلك الوقت. والحقيقة أن موقف هرقل من الرسالة يحتاج إلى وقفة، ويحتاج إلى تحليل، فهو يفسر لنا الكثير من أحداث التاريخ، سواءٌ في أيام رسول الله r أو في الأيام التي تلت الرسول r، ويفسر لنا أحداثًا كثيرة جدًّا من الواقع الذي نعيشه؛ لأننا نعرف أن التاريخ يتكرر.

عندما تسلم هرقل رسالة الرسول r أخذ الموضوع بمنتهى الجدية، مع أنه زعيم أكبر دولة في العالم، وهو يتسلم رسالة من زعيم دولة لم يسمع عنها أحد، وهذه الدولة خرجت في بلاد العرب، والرومان بصفة عامة كانوا ينظرون إلى بلاد العرب نظرة دونيّة، ويرونهم دائمًا أقل من أن يهتم أحدٌ بشأنهم، أو يدرس أحوالهم؛ فهؤلاء العرب قوم يعيشون حياة البداوة في أعماق الصحراء بعيدة كل البعد عن كل مظاهر الحضارة والمدنية، وهم متفرقون ومشتتون، وأحلامهم بسيطة، وأعدادهم محدودة، وأسلحتهم بدائية.

الفارق بينهم وبين إمبراطورية الرومان الهائلة، كالفارق بين السماء والأرض أو يزيد. وحينما كان يدور الصراع بين دولة فارس ودولة الروم فإن كل ما كان العرب يفعلونه هو الاكتفاء فقط بمراقبة الأحداث، ويراهن بعضهم على بعضٍ فيمن سوف يكسب من الدولتين العظيمتين: فارس والروم، ولم يكن عندهم طموح لا من قريب ولا من بعيد في مشاركة القوة العالمية في الأحداث الجارية في العالم.

زعيم الروم

ومع كل ذلك عندما أرسل الرسولrرسالته إلى زعيم الروم، أخذ هرقل ملك الروم الأمر بمنتهى الجدية، ولم ينكر أن يكون ذلك الرجل نبيًّا حقًّا، ولم يكن ينقصه إلا التأكد فقط. ونحن عندما نسمع عن هرقل أو نقرأ عنه نشعر أنه كان زعيمًا نصرانيًّا متدينًا ملتزمًا إلى حد كبير بتعاليم النصرانية، وكان يعلن كثيرًا أن الله U يساعده في معاركه، حتى إنه نذر أن يحج إلى بيت المقدس ماشيًا على قدميه من حمص إلى القدس؛ شكرًا لله على نصره للرومان على الفرس.

 

ورجل مثل هرقل لا بد أنه قد قرأ في التوراة والإنجيل أن هناك رسولاً سيأتي، وأن هذا الرسول بشَّر به موسى وعيسى عليهما السلام، وكان هرقل ينتظر هذا الرسول، وهذا الرجل الذي أرسل له الرسالةَ r يذكر له في هذه الرسالة أنه نبي آخر الزمان، وهرقل آمَنَ بالفكرة، ولعله مشتاق لرؤية ذلك النبي. وكان هرقل قبل هذه الأحداث قد سمع عن هذا النبي r، بل إن الله U يسَّر له لقاءً غريبًا عجيبًا ربما يكون قبل استلام الرسالة، مما قد يكون مهَّد هرقل نفسيًّا تمامًا لاستلام مثل هذه الرسالة العجيبة.

شاهد أيضاً

هالة عاتق: فتاة سوريه غيرت تاريخ أمريكا

هالة عاتق: فتاة سوريه غيرت تاريخ أمريكا

هالة عاتق: فتاة سوريه غيرت تاريخ أمريكا هل تدرون من هي هذه الفتاة؟ إنها الفتاة …

اترك رد